جمال عبد الناصر ضابطاً:
لما أتم جمال عبد الناصر دراسته الثانوية وحصل على البكالوريا في القسم الأدبي قرر الالتحاق بالجيش، ولقد أيقن بعد التجربة التي مر بها في العمل السياسي واتصالاته برجال السياسة والأحزاب التي أثارت اشمئزازه منهم أن تحرير مصر لن يتم بالخطب بل يجب أن تقابل القوة بالقوة والاحتلال العسكري بجيش وطني.
تقدم جمال عبد الناصر إلى الكلية الحربية فنجح في الكشف الطبي ولكنه سقط في كشف الهيئة لأنه حفيد فلاح من بني مر وابن موظف بسيط لا يملك شيئاً، ولأنه اشترك في مظاهرات ١٩٣٥، ولأنه لا يملك واسطة.
في البدايه عام 1936 رفض دخوله الكليه الحربيه ولكن وأعلنت وزارة الحربية عن حاجتها لدفعة ثانية، فتقدم جمال مرة ثانية للكلية الحربية ولكنه توصل إلى مقابلة وكيل وزارة الحربية اللواء إبراهيم خيري الذي أعجب بصراحته ووطنيته وإصراره على أن يصبح ضابطاً فوافق على دخوله في الدورة التالية؛ أي في مارس ١٩٣٧.
لقد وضع جمال عبد الناصر أمامه هدفاً واضحاً في الكلية الحربية وهو \"أن يصبح ضابطاً ذا كفاية وأن يكتسب المعرفة والصفات التي تسمح له بأن يصبح قائداً\"، وفعلاً أصبح \"رئيس فريق\"، وأسندت إليه منذ أوائل ١٩٣٨ مهمة تأهيل الطلبة المستجدين الذين كان من بينهم عبد الحكيم عامر. وطوال فترة الكلية لم يوقع على جمال أي جزاء، كما رقى إلى رتبة أومباشى طالب.
تخرج جمال عبد الناصر من الكلية الحربية بعد مرور ١٧ شهراً، أي في يوليه ١٩٣٨، فقد جرى استعجال تخريج دفعات الضباط في ذلك الوقت لتوفير عدد كافي من الضباط المصريين لسد الفراغ الذي تركه انتقال القوات البريطانية إلى منطقة قناة السويس.
وقد كانت مكتبة الكلية الحربية غنية بالكتب القيمة، فمن لائحة الاستعارة تبين أن جمال قرأ عن سير عظماء التاريخ مثل \"بونابرت\" و\"الإسكندر\" و\"جاليباردى\" و\"بسمارك\" و\"مصطفى كمال أتاتورك\" و\"هندنبرج\" و\"تشرشل\" و\"فوش\". كما قرأ الكتب التي تعالج شئون الشرق الأوسط والسودان ومشكلات الدول التي على البحر المتوسط والتاريخ العسكري. وكذلك قرأ عن الحرب العالمية الأولى وعن حملة فلسطين، وعن تاريخ ثورة ١٩١٩
التحق جمال عبد الناصر فور تخرجه بسلاح المشاة ونقل إلى منقباد في الصعيد، وقد أتاحت له إقامته هناك أن ينظر بمنظار جديد إلى أوضاع الفلاحين وبؤسهم. وقد التقى في منقباد بكل من زكريا محيى الدين وأنور السادات.وفى عام ١٩٣٩ طلب جمال عبد الناصر نقله إلى السودان، فخدم في الخرطوم وفى جبل الأولياء، وهناك قابل زكريا محيى الدين وعبد الحكيم عامر. وفى مايو ١٩٤٠ رقى إلى رتبة الملازم أول.
لقد كان الجيش المصري حتى ذلك الوقت جيشاً غير مقاتل، وكان من مصلحة البريطانيين أن يبقوه على هذا الوضع، ولكن بدأت تدخل الجيش طبقة جديدة من الضباط الذين كانوا ينظرون إلى مستقبلهم في الجيش كجزء من جهاد أكبر لتحرير شعبهم. وقد ذهب جمال إلى منقباد تملؤه المثل العليا، ولكنه ورفقائه أصيبوا بخيبة الأمل فقد كان معظم الضباط \"عديمي الكفاءة وفاسدين\"، ومن هنا اتجه تفكيره إلى إصلاح الجيش وتطهيره من الفساد. وقد كتب لصديقه حسن النشار في ١٩٤١ من جبل الأولياء بالسودان: \"على العموم يا حسن أنا مش عارف ألاقيها منين واللا منين.. هنا في عملي كل عيبي إني دغرى لا أعرف الملق ولا الكلمات الحلوة ولا التمسح بالأذيال.
شخص هذه صفاته يحترم من الجميع ولكن.. الرؤساء. الرؤساء يا حسن يسوءهم ذلك الذي لا يسبح بحمدهم.. يسوءهم ذلك الذي لا يتملق إليهم.. فهذه كبرياء وهم شبوا على الذلة في كنف الاستعمار.. يقولون.. كما كنا يجب أن يكونوا. كما رأينا يجب أن يروا.. والويل كل الويل لذلك... الذي تأبى نفسه السير على منوالهم... ويحزنني يا حسن أن أقول إن هذا الجيل الجديد قد أفسده الجيل القديم متملقاً.. ويحزنني يا حسن أن أقول أننا نسير إلى الهاوية – الرياء – النفاق الملق - تفشى في الأصاغر نتيجة لمعاملة الكبار. أما أنا فقد صمدت ولازلت، ولذلك تجدني في عداء مستحكم مستمر مع هؤلاء الكبار...\".
وفى نهاية عام ١٩٤١ بينما كان \"روميل\" يتقدم نحو الحدود المصرية الغربية عاد جمال عبد الناصر إلى مصر ونقل إلى كتيبة بريطانية تعسكر خلف خطوط القتال بالقرب من العلمين.
ويذكر جمال عبد الناصر: \"في هذه المرحلة رسخت فكرة الثورة في ذهني رسوخاً تاماً، أما السبيل إلى تحقيقها فكانت لا تزال بحاجة إلى دراسة، وكنت يومئذ لا أزال أتحسس طريقي إلى ذلك، وكان معظم جهدي في ذلك الوقت يتجه إلى تجميع عدد كبير من الضباط الشبان الذين أشعر أنهم يؤمنون في قراراتهم بصالح الوطن؛ فبهذا وحده كنا نستطيع أن نتحرك حول محور واحد هو خدمة هذه القضية المشتركة\".
وبعد ان ودع عبد الناصر أمير الكويت وبعد وداعه طلب سيارته الخاصة كي تنقله إلي بيته فقد كان متعبا للغاية , واشتكي عبد الناصر بدوار شديد في رأسه فأستدعي الدكتور الصاوي وجري استدعاء اكبر الأخصائيين علي التو لفحص و تشكيل كنسولتو.
همس أحد الأطباء: "لقد فارق الحياة".
كما كانت حياه عبد الناصر رمزا للنضال و حقن الدماء العربية , فقد توفي و هو يحاول حقن الدم العربي بالأردن.
وكما كانت حياه عبد الناصر رمزا لألتحام الجماهير , كانت وفاته أيضا رمزا لألتحام هذه الملايين التي جائت بأختلاف أهدافها فمنهم مكذب يريد الحقيقة ومنهم من يريد واجب العزاء ومنهم من جاء لتوديع الزعيم موقظ الآمال و الأمجاد.
من انــجــــازاتــــه• وافق على مطلب السوريين بالوحدة مع مصر في الجمهورية العربية المتحدة، والتي لم تستمر أكثر من ثلاث سنوات(1958-1961) وسط مؤامرات دولية وعربية لإجهاضها.
• استجاب لدعوة تحقيق انجاز وحدوي مع العراق وسوريا بعد تولي الرئيس العراقي المشير عبد السلام عارف رئاسة الجمهورية العراقية بما يسمى باتفاق 16 ابريل 1964.
• قام بتأميم قناة السويس وإنشاء السد العالي على نهر النيل.
• تأسيس منظمة عدم الانحياز مع اليوغسلافي تيتو والإندونيسي سوكارنو والهندي نهرو.
• تمصير البنوك و الشركات و المحال التجارية الضخمة.
• قوانين الاصلاح الزراعى و تحديد الملكية الزراعية.
• إنشاء التلفزيون المصرى 1960.
• قوانين يوليو الإشتراكية 1961.
• إبرام إتفاقية الجلاء مع بريطانيا 1954 والتى بموجبها تم جلاء آخر جندى إنجليزى عن قناة السويس و مصر كلها فى الثامن عشر من يونيو 1956.
• بناء إستاد القاهرة الرياضى بمدينة نصر.
• إنشاء كورنيش النيل.
• إنشاء معرض القاهرة الدولى للكتاب.
• التوسع في التعليم المجاني على كل المراحل.
• التوسع المطرد في مجال الصناعات التحويلية.
الاتــجـــاه نـــحـــو الـــتـــصـــنـــيـــع
شهدت مصر في الفترة من مطلع الستينيات إلى ما قبل النكسة نهضة اقتصادية وصناعية كبيرة، بعد أن بدأت الدولة اتجاها جديدا نحو السيطرة على مصادر الإنتاج ووسائله، من خلال التوسع في تأميم البنوك والشركات والمصانع الكبرى، وإنشاء عدد من المشروعات الصناعية الضخمة، وقد اهتم عبد الناصر بإنشاء المدارس والمستشفيات، وتوفير فرص العمل لأبناء الشعب، وتوَّج ذلك كله ببناء السد العالي الذي يُعد أهم وأعظم إنجازاته على الإطلاق؛ حيث حمى مصر من أخطار الفيضانات، كما أدى إلى زيادة الرقعة الزراعية بنحو مليون فدان، بالإضافة إلى ما تميز به باعتباره المصدر الأول لتوليد الكهرباء في مصر، وهو ما يوفر الطاقة اللازمة للمصانع والمشروعات الصناعية الكبرى.
مسانتده للحركات الثورية في الوطن العربي
دعم الرئيس عبد الناصر القضية الفلسطينية وساهم شخصيا بالحرب الإسرائيلية عام 1948 وجرح فيها, وعند توليه الرئاسة اعتبر القضية الفلسطينية من أولوياته لاسباب عديدة.
و كان لعبد الناصر دور بارز في مساندة ثورة الجزائر وتبني قضية تحرير الشعب الجزائري في المحافل الدولية.
كما ساند عبد الناصر الثورة العسكرية على الحكم التي قام بها الجيش بزعامة المشير عبد الله السلال في اليمن بسنة 1962 ضد الحكم الإمامي الملكي حيث أرسل عبد الناصر نحو 70 ألف جندي مصري إلى اليمن لمقاومة النظام الملكي الذي لقي دعما من المملكة العربية السعودية.
كما أيد حركة يوليو 1958 الثورية في العراق التي قادها الجيش العراقي بمؤازرة القوى السياسية المؤتلفة في جبهة الاتحاد الوطني للاطاحة بالحكم الملكي في 14 يوليو 1958.
حـــقـــائــــق ولـــكـــن…
• بعد جلاء القوات البريطانيا ما لبث أن اصطدم بجميع الناشطين السياسيين و على رأسهم الشيوعيون و جماعة الإخوان المسلمين. واعتقل عبد الناصر الآلاف من أعضاء تلك الجماعات، وعقدت لهم محاكمات عسكرية و حكم بالإعدام على عدد منهم. وامتدت المواجهات إلى النقابات فقد تم حلّ مجلس نقابة المحامين في ديسمبر, ثم تلتها نقابة الصحفيين في عام 1955 . كما ألغى الحياة النيابية و الحزبية و وحد التيارات في الاتحاد القومي عام 1959 ثم الاتحاد الاشتراكي بعام 1962.
• في 26 سبتمبر 1962 أرسل القوات المسلحة المصرية إلى اليمن لدعم الثورة اليمنية التي قامت على غرار الثورة المصرية و محاكاة لها و ايدت المملكة السعودية الامام اليمني المخلوع خوفا من امتداد الثورة اليها وهو ما أدى إلى توتر العلاقات المصرية السعودية، ويدعي معارضوا عبد الناصر "بان ذلك كان له أثره السيئ في استنزاف موارد مصر وإضعاف قوتها العسكرية، وكانت أبرز عواقبه الوخيمة تلك الهزيمة العسكرية الفادحة التي منيت بها القوات المسلحة في حرب 1967".
في يونيو 1967 قصف سلاح الطيران الإسرائيلي جميع المطارات العسكرية لدول الطوق واستطاع تدمير سلاح الطيران المصري على الأرض ، و قتل الآلاف من الجنود المصريين في انسحاب الجيش غير المخطط له من سيناء مما أدى إلى سقوط شبه جزيرة سيناء و الضفة الغربية و قطاع غزة و مرتفعات الجولان في يد اسرائيل في غضون ستة أيام.
ويستمر الحلم:[b]كما كان حلم عبد الناصر الأسمي ألا وهو الوحده العربية , فقد رحل عنا بعد أن زرع فينا قيم الانتماء العربي ,رحل عبد الناصر بعد أن سلم لجيل أبائنا وجيلنا والأجيال التي سوف تأتي حلمه وحلم أجيال سبقته ,كي تصنع هذه الأجيال نفسها وبالرغم من موت عبد الناصر فحلم الوحده العربية لم يجهض في مهده
فالحلم العربي لم ينتهي و عبد الناصر لم يرحل و الانتماء العربي لم يمت... ... ...